يلعب التسامح دورًا حيويًا ومؤثرًا في حياة الفرد والجماعة بصورة عامة، وهو أحد الأعمدة الرئيسية للإسلام التي تحث عليها الشريعة بكل تشديد. يعكس التسامح قدرًا كبيرًا من الرحمة والشفقة تجاه الآخر المختلف، بغض النظر عن خلفياته الثقافية أو معتقداته الشخصية. وبالتالي، فإن اتباع نهج التسامح يؤدي إلى تحقيق رفاهية نفسية واجتماعية كبيرة لكل فرد داخل المجتمع.
على المستوى النفسي، ثبت علميًا أن الأشخاص الأكثر تسامحًا هم أقل عرضة لتراكم الضغوط والتوتر. فعلى سبيل المثال، أظهرت الدراسات العلمية الحديثة ارتباط مباشر بين مستويات التوتر وضغط الدم المرتفع. وقد كشفت تجارب سريرية على مجموعة طلاب جامعيين أن الذين تصنف حالتهم النفسية بأنهم "غير متسامحين" قد أبدوا علامات زيادة واضحة في مستوى توتر عضلات الوجه وأرقام أعلى لدرجة ارتفاع ضغط دمه بمعدل ملحوظ بالمقارنة بتلك المسجلة لدى زملائهم ذوي التفكير المتحضر والمعتدل. بالإضافة لذلك، يشعر المرء بإحساس عميق بالامتنان والسعادة عندما يغفر لأحد ما إساءاته نحوه. إنه إعادة ترتيب داخلي للنفس البشرية نحو مزيد من الانسجام الداخلي الهادئ والصالح اجتماعياً أيضًا.
وفي الجانب الاجتماعي، يعد التسامح المفتاح لحلول معظم مشكلات الخلافات وصنع الوئام بين مختلف طبقات الحراك الإنساني. فهو ليس مجرد امتناع عن الانتقام فقط ولكن أيضا يدعونا لإظهار المحبة والعاطفة الجميلة لنعلم كيف نكتتب مع المخالف الآخر بدون الشعور بالحاجة للدفاع المبالغ فيه حول آرائنا الخاصة. وفي الواقع، فقد اعتنق الرسل هذا النهج حين دعا آدم جميع بني الإنسان إلى طريق الأخوة والقربى رغم اختلاف دياناته ودروب الحياة الخاصة بهم. وهذا يقرب أكثر بين عناصر المجتمع الواحدة ويعزز روابط التعاضد فيما بينهما عبر تبني الخصال الحميدة مثل حسن الظن وحسن خلق الرعايتين للجيران وبذل الاحترام اللازم لهم جميعًا. علاوة علي كل ذالك، فإن صدقت نيّة شخص مسالم ومتسامح وتحققت شروطه الشرعية، سوف يناله رضا رب العالمين يوم القيامة بحسب الآيات القرآنية ({واعلموا انما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل})[1].
ومن ثم، تأخذ صفاته شكل عملی بالفعل وليس فقط نظرية; مثال ذلك الصفح والصلاح للأهل وكذا الاعتناء بوالدي الشخص وكذلك عدم إيذاء الأطفال وغيرهم ذوو محدودية القدرات أثناء عمليات الحرب المدمرة والخوض في نزاعات دامية والتي تعتبر أمورا مذمومة بالتأكيد حسب الدين الاسلامی. كذلك الأمر بالنسبة لاسترجاع حقوق الآخرین وما يتعلق باستقامة dealings التجارية العامة لمنع الغشه والتلبيس في الصفعات الاقتصادیه بشكل خاص. وهناك قصة خالدة قصها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما حكم لصالح واحد من اليهود بعد تعرضه لجور بعض المسلمين ضد حققه مما أكده التحريض القرآنی ([2]). إنها رسالة عظيمة تدعو الجميع لتحقيق العدالة بطريقة حسنة تشجع علي مشاركيه مجتمعيه أخریه ذات أساس أخلاقی راسخ وثابت .