أحمد باي هو شخصية تاريخية بارزة لعبت دورًا محوريًا في حركة الاستقلال الجزائرية ضد الحكم الفرنسي، بالإضافة إلى كونه رمزًا للنهضة الثقافية والدينية خلال القرن التاسع عشر الميلادي. ولد أحمد بن عثمان باي عام 1816 م بمدينة قسنطينة شرق الجزائر. كان ينتمي لعائلة نبيلة ذات جذور عميقة في المجتمع الجزائري، مما ساعده لاحقاً على اكتساب التأثير السياسي اللازم لنشاطاته القومية.
بدأ رحلته نحو الوعي الوطني عندما بدأ دراسة العلوم الشرعية والفقه الإسلامي تحت إشراف العلماء المحليين. هذا التدريب الديني أكسبه فهماً عميقًا للأصول والقيم الإسلامية التي ستكون أساس دعوته لتحرير بلده. وفي الوقت نفسه، تأثر بحركات التنوير الأوروبية وروح الثورة الفرنسية، والتي شجعته على الدعوة للإصلاح والتغيير الاجتماعي داخل الوطن العربي والإسلامي بشكل عام.
بعد وفاة أبيه سنة 1830 ميلادية، تولى حكم مدينة قسنطينة حتى سقوطها أمام القوات الفرنسية عام 1847، والذي أدى إلى نفيه إلى فرنسا لمدة خمس سنوات. لكن هذه الفترة لم تكسر روح المقاومة لديه؛ بل زادت عزمه بعد رؤيته للتقدم الأوروبي والعالم الغربي المتحضر مقارنة بمستعمرات أوروبا الجاهلة والمعذبة مثل الجزائر آنذاك.
عند عودته إلى وطنه مجددًا، أسس مدرسة خاصة بتعليم اللغة العربية والأدب والشريعة لجيل الشباب الواعد بالثورات المستقبلية ضد الظلم والاستعمار. كما عمل أيضًا على تأسيس جمعيات ثقافية واجتماعية هدفها نشر التعليم بين عامة الشعب وتعزيز الهوية الوطنية والإسلامية بين الأجيال الجديدة.
في نهاية حياته، شكل أحمد باي تحالفات مع زعماء قبائل أخرى في المناطق الداخلية لجبال الأوراس والمغرب الشرقي للحفاظ على عدم خضوع البلاد للاستعمار الفرنسي تماما. وقد ظلت أفكار ومبادئ أحمد باي مصدر إلهام واستمرارية لأحرار العالم العربي الذين حملوا الراية عقب استشهاد الحاج أحمد ، مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة وإحدى الشخصيات البارزة ضمن التاريخ النضالي والثوري للشعب الجزائري الأعظم.