شداد بن عاد، أحد أشهر الملوك العرب، هو شخصية تاريخية غامضة ومثيرة للاهتمام. يُعرف بأنه الملك الذي حظي بالعديد من القصص والحكايات التي تطغى على حدود الواقع ليصل بها إلى مستوى أسطوري. وفقًا لمصادر متعددة، كان له دور كبير في فتح مناطق واسعة عبر العالم القديم.
تبدأ رحلة شداد نحو القيادة عندما حكم لأكثر من قرن تحت رعاية والده شمس. وبعد ذلك مباشرةً, تولى الحكم كملك مستقل لمملكة عرفت بإنجازاتها العمرانية والدبلوماسية البارزة. لقد أبحر شرقاً وغرباً، مما جعله يحكم مساحات شاسعة تمتد من المغرب إلى أقصى الشرق بما في ذلك الأراضي المصرية والشامية والفارسية والعراقية.
ومن أهم الإنجازات المنسوبة إليه بناء قلعة العقيق الشهيرة والمذهلة في مكان غير معروف تحديداً، لكن يبدو أنها كانت بالقرب من موقع المعروف حالياً باسم "مدينة الحجر" اليمنية والتي تعتبر إحدى عجائب الدنيا القديمة. كما قام بتوسيع رقعته الجغرافية الخاصة بإقامة حضارة كبيرة في جنوب الجزيرة العربية - الحديثة -حيث بنت عظيمة أخرى تُعرف بإرم ذات العماد وهي المدينة التي بناها من الفضة والذهب، ولم تكن مثلها مدنٌ كثيرة نظرا لغزارتها بالأشجار النادرة والمياه المتدفقة جنباً إلى جنب مع الأحجار الكريمة المنتشرة حول كل زاوية.
بالإضافة لذلك فقد ترك بصماته الثقافية الواضحة من خلال بنائه لقناة المياه الشهيرة التي تسمّى اليوم "خور مكسر"، وكذلك بوابة الجبل العريقة في منطقة عدن والذي تحافظ حتى يومنا هذا رغم انحدارتها العالية والتاريخ الطويل خلف ظهور السكان المحليين الذين يسكنون تلك المناطق منذ القدم.
وعندما ينظر المرء إلى نهاية سنوات عمره الطويلة، فإن التقليد يذكر لنا أنه قد عاش تسعين تسعين سنة قبل وفاته ملقى بدفين نهائي داخل مغارة خاصة بجبال صنعاء وما حولها حيث مازالت حجره محفوظة بطرازٍ مصري للحفظ المؤقت للأجساد المشابه لما يحدث أثناء عملية التحنيط عند المصريين القدماء. إنها حقبة نابضة بالحياة تعكس عبقرية رجل واحد استطاع أن يدفع حدود المملكة العربية برؤيته الثاقبة واستراتيجياته الاستعمارية الناجحة للغاية!