تعدّ الروابط المنطقية العمود الفقري لأية جدلية فلسفية؛ فهي تعدّل العلاقات بين الأفكار والمبادئ المختلفة، مما يساهم بشكل كبير في تطوير الحجج المؤيدة للأفكار النظرية. تعتمد هذه الروابط أساساً على قدرة المفكر والفيلسوف على ربط مقدمات متعددة عبر روابط منطقية متماسكة لإثبات صحة فرضيته النهائية. تُعرَّف الحجج الفلسفية بأنها عملية استخدام الأدلة والعقلانية لإقناع الآخرين بوجهة النظر الخاصة بك. يمكن تقسيم تلك الحجج إلى نوعين رئيسيين هما: الحجج المنطقية، والتي تستند إلى الاستنتاجات والتوجهات العامة المستنتجة من بيانات معروفة بالفعل، وحجج واقعية تعتمد على حقائق قابلة للاكتشاف والملاحظة مباشرةً.
وفي علم المنطق الرسمي، نجد أنّ المصطلحات نفسها تشترك بدور حيوي ضمن هيكلها الداخلي. يقسم علماء المنطق المصطلحات المستخدمة فيها إلى قسمَين أساسيَّين: بسيطة ومعقدة. تتمثل الأمثلة البسيطة في مفردات مجردة كـ 'إنسان' بينما تصبح الأكثر تعقيدًا عندما يتم دمج عدة مصطلحات لبناء بيان شامل مثل 'الإنسان يمشي'. تسمّى الأخيرة بالأحداث والتي تتكون عادة من جزأين هما الموضوع والمحمول بالإضافة لمفصل مهم وهو الرابط الذي يحكم الشكل العام للقضية ويعزز ارتباطهما. وفق رؤية أفلاطونية، يعد وجود فعل أمر بالغ الأهمية لفهم طبيعة المشكلة، إذ بدون مساعدته قد لا تجتمع عناصر البيان تحت مظلة واحدة ملونة، كما اقتبس آراء مشابهة منها بطرس الطاغوري مدافعًا عمّا جاء لديوجنيوس اللايرتي أيضًا حول نفس الاختلافات المتشابهة تمام المفعول!
وقد توسع أستاذ المناطقة العربي الكبير أرسطو رحمه الله في شرح تفاصيل العلاقة المضمرة داخل بنيات القضايا موضحًا لها صورة أكثر تحديدًا فقال إنها 'كل قول يستتم ذكر داله بلا أدلاء ولكنه شريك له في الاتفاق دون الخضوع لقاعدة تطبيقية ثابتة'. لذلك فإن حالة توافر مشترك معنوي ضمني فيما لو تحصلا جميع أنواع البيانات الثلاث - بند واحد فقط وعلى رأس قائمة كبرى وكليات المساوىء كذلك– فضلاً عن تابعيتها الوحيدة لدى مؤكد صدقيتهم وتمردهن قطعا خلاف ذلك بإجمالي موافقتهما.
أما بالنسبة لعصر ذهبي جديد شهدناه منذ بداية ظهور نشوء نهضة حضارية عظيمة قادها الفلاسفة المسلمون حين تم ترجمة أعمال يونانية ونشرها عالمياً برمتها ثم استيعابها لاحقا ونسب نجاحاتها لهم أيضاً!! فقد اتبع العديد منهم خطوة أخيه الأكبر فارابي لصاحبنا أبو علي الحسين بن عبد الله رازي الشهير بابن سينا والذي أكّد دور البرهان والمنطق بشكل عام باعتباره وسيلة فعالة لنقل الحقائق والمعارف للعوام دون حاجة لسماع مباشر من الغرباء عنه ومن خارج دائرة معرفتنا الداخلية شيئا.
ومن هنا تأتي أهميته القصوى كمكمل لغرض إيصال المعرفة بسرعة وقوة لكافة شرائح المجتمع بما يدخل تحت نظام كلام مناسب لكل عصر وما يفهمه الجميع طال الانتشار فيه حتى ولو كان نادر الحدوث كاللغة العربية القديمة مثلا.
ختاماً.. تبقى الروابط المنطقية خيط حرير دقيقة للغاية تؤثر بشكل مباشر على فهمنا وإدراكنا للمعلومات الموجودة أمام ناظرينا اليوم فهل سنستعملها بحكمة أم نقف مكتوفي الأيدي أمام ازدياد تعقيد الحياة والعالم من حولنا؟