في رحلتنا حول العالم، سواء كانت فوق سلسلة جبلية شاهقة أو خلال طيران الطيور عالياً في الأعالي، سنلاحظ ظاهرة غامضة ومدهشة - تناقص درجات الحرارة بشدة كلما اتجهنا نحو أعلى. هذا ليس مجرد شعور شخصي بالحاجة للسترة الدافئة عند قمم الجبال, بل هو قانون طبيعي يمكن شرحه بفهم دقيق لعلم الفيزياء وعلم المناخ.
كيف يعمل الأمر؟
هذه العملية تعتمد بشكل أساسي على كيفية تعامل الغازات الموجودة في جو كوكبنا مع الطاقة الشمسية. الشمس ترسل لنا إشعاعاً ضوئياً كهرومغناطيسياً هائلاً. جزء كبير من هذا الإشعاع يصل مباشرة إلى سطح الأرض ويتحول إلى حرارة. بينما الجزء الآخر يتم امتصاصه بواسطة الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون والأوزون والميثان الموجودة في جو الأرض قبل الوصول إلى السطح.
عندما يرتفع الهواء المحمّل بحرارة كبيرة نتيجة الامتصاص المباشر لإشاعات شمسية بالقرب من الأرض، تبدأ عملية تسمى بالتوسع المكظومي. هنا، يخضع الغاز للتمدد (أي زيادة المساحة) بسبب الانخفاض في الضغط الجوي أثناء تحركه للأعلى. وفي الوقت نفسه، يفقد بعض خصائصه التأثيرية للحرارة لأن الجسيمات تحتاج لأكثر فأكثر إلى التقارب للاستمرار في الاحتفاظ بنفس القدر السابق من الحرارة. وهذا يعني أنه لكل ارتفاع حوالي 150 مترًا، تستطيع رؤية انخفاض تقريبيا بمقدار درجة مئوية كاملة في درجة الحرارة العامة للهواء. وهذه النتيجة ترجع أساسا للقوانين الرياضية المتعلقة بتغير الحجم والحرارة تحت اختلاف الضغط.
عوامل أخرى تؤثر على درجة الحرارة
بالإضافة لهذه الآلية الأساسية، هناك عدة عناصر تساهم أيضا في تحديد متوسط درجات حرارة المناطق المختلفة حول العالم. تشمل هذه العوامل الموقع بالنسبة لمركز الأرض (أو الخطوط العرض)، الارتفاع فوق مستوى سطح البحر، البعد عن مسطحات المياه الكبيرة، الاتجاهات المحلية للغيومائية العاملة كالرياح والتيارات البحرية وغير ذلك الكثير.
ومن الجدير بالملاحظة أن الأقمار الصناعية الحديثة وأجهزة الرصد الأخرى توفر بيانات دقيقة جداً تساعد علماء المناخ لفهم أفضل لكيفية تغيير هذه العوامل مجتمعة لحالة الطقس وظروف البيئة الطبيعية المستمرة التحول باستمرار. إن فهم العمليات المعقدة خلف التغيرات اليومية في درجات الحرارة يساهم أيضاً في قدرتنا على مواجهة تحديات مستقبل كوكب الأرض المضطربة بشكل أكثر استعداد وثبات.