أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني، المعروف باسم "ابن حجر"، يعتبر أحد أشهر علماء الدين الإسلامي وتفسيره للقرآن الكريم يعرف باسم "تفسير الجلالين". هذا العمل الثمين لم يكتبه ابن حجر بمفرده بل كان نتيجة تعاونه مع شيخه الشيخ جلال الدين السيوطي.
ولد ابن حجر عام 773 هـ/1372 م في مدينة دمشق الشامية، ودرس تحت إشراف العديد من العلماء البارزين في عصره. اشتهر بتبحره ليس فقط في علوم القرآن والتفسير ولكن أيضاً في الحديث والفقه والأدب. وقد ترك لنا تراثاً غنياً بالكتب والمصنفات التي تعتبر جزءاً رئيسياً من الأدبيات الإسلامية.
التفسيرات الموجزة كانت شائعة خلال القرن الحادي عشر الهجري، وكانت تهدف إلى تقديم شرح سهل وبسيط للمفردات والاستعارات الموجودة في الآيات القرآنية. يُعدّ "تفسير الجلالين" واحد من أكثر هذه التفاسير شهرةً وانتشاراً. بدأ المؤلفان عملهما بالتوافق على تقسيم الكتاب إلى ثلاثين يوماً، حيث يقوم كل منهما بشرح يومي بطريقة مختصة وموجزة، ثم يتم مراجعتها وإضافاتها بشكل مشترك لإنتاج القراءة النهائية المتناسقة والمعروفة اليوم.
على الرغم من الوضوح البالغ الذي تميز به كتابهما، إلا أنهما حرصا أيضا على التعريف بالأقوال المختلفة لعلماء متقدمين حول نفس الآية، مما يعكس مدى احترامه الواسع للتقاليد العلمية القديمة. كما أضاف ابن حجر عناصر فريدة تتعلق بالنقد الأدبي والنظام اللغوي، وهو ما يجسد قدرته الفريدة كعالم لغويات وعالم دين.
بالرغم من اختصار النصوص، فإن "تفسير الجلالين" لا يخلو من العمق النظري والديني. فهو لا يسعى فقط لتوضيح الغريب والكلمات الصعبة بل إنه يستغل الفرص لتقديم فوائد روحية وأخلاقية عظيمة مستمدة مباشرة من الحقائق القرآنية. وهذا النهج يساعد القراء على فهم الرسالة الدينية الأعمق وليس مجرد قراءة حرفية للنص القرآني.
إن عمل ابن حجر والجلالين يعد مثالاً رائعًا لكيف يمكن للعلاقة بين الزملاء الأكاديميين والتعاون المستمر أن ينمي ويوسع من نطاق البحث العلمي والإبداع الإنساني. إن تاريخهما المشترك في كتابة "تفسير الجلالين" يعد شاهداً على قوة المجتمع الأكاديمي والحاجة المستمرة للحوار العلمي عبر الزمان والمكان.