تعدّ رواية "شرق المتوسط"، للكاتب اللبناني الراحل أميل رحباني، واحدة من الأعمال الأدبية البارزة التي تستعرض تاريخ وتراث المنطقة الشرق الأوسط بكل ثراء ومفصلات. تضفي الرواية لمسة فريدة تجمع بين الواقع والتأليف الخيالي، مما يعكس عمق فهم المؤلف لثقافات الشرق المختلفة ومعاناتها المشتركة.
تدور أحداث القصة بشكل رئيسي حول حرب العراق الأولى عام 1991، مستعيناً بسرد واقعي وشخصيات مزجت بين العائلات العربية والإيرانية والكردية والقوقازية وغيرها ممن شكلوا جزءاً أساسياً من نسيج الشرق الأوسط الفريد. ينطلق الخط الدرامي الرئيسي مع بطل الرواية شاب عربي يدعى طارق، والذي يجد نفسه مدفوعا إلى التقاطع مع العديد من القصص الفرعية لشخصيات أخرى متشابكة ولكن مستقلة أيضاً.
يتعمق رحباني في التحليل النفسي لهذه الشخصيات، يكشف همومهم وأحلامهم وآمالهم وخيبات آمالهم، مستخدماً ذلك كمرآة تعكس الصراعات الداخلية والخارجية للأمة الشرق أوسطية برمتها. تتخلل النص مشاهد قاسية تصور وحشية الحرب والعواقب الإنسانية المدمرة لها، لكنه لا يغفل عن الإضاءة على الجوانب الجميلة والمعززة للإنسان والتي يمكن اكتشافها حتى وسط هذه الظروف المأساوية.
بالإضافة لذلك، يتمتع الكتاب بحس أدبي راقي، فهو ليس مجرد سرد لحرب بل عمل فني يستعرض جمال اللغة العربية ومدى تنوع الثقافات ضمن المنطقتين العربيّة والإيرانبة تحديدًا. يعد هذا العمل تحفةً أدبيةً ستظل محورية لفهم التاريخ المعاصر للشرق الأوسط وللحفاظ على روح وروحية تلك الحقبات الزمنية الحساسة.