- صاحب المنشور: شمس الدين القاسمي
ملخص النقاش:
تواجه البشرية تحديات كبيرة بسبب التغير المناخي، وهو ظاهرة عالمية تؤدي إلى تغيرات غير مسبوقة في درجات الحرارة وأنماط الطقس. هذه التحولات لها آثار عميقة ومتنوعة عبر مختلف القطاعات، لكن أحد أكثر المناطق تأثراً هو قطاع الزراعة، الذي يعتبر العمود الفقري للاقتصاد العالمي. إن فهم العلاقة بين تغير المناخ والزراعة له أهمية قصوى ليس فقط لأنظمة الغذاء ولكن أيضاً للتنمية الاقتصادية العالمية.
بداية، يتطلب الزراعة توازن دقيق بين الظروف الجوية المختلفة مثل درجة الحرارة، هطول الأمطار، ومستويات الرطوبة. أي تغيير كبير في هذه العوامل يمكن أن يؤدي إلى تقليل إنتاج المحاصيل وبالتالي زيادة الأسعار وتشديد الأزمات الغذائية. فعلى سبيل المثال، يمكن لدرجة حرارة أعلى مما هي طبيعية أن تسبب ذوبان الثلوج والجليد بشكل مبكر خلال الربيع، مما قد يخلق موسم نمو طويل ويؤدي إلى جفاف قبل نهاية الموسم الزراعي. هذا النوع من الضغوط البيئية يمكن أن يقلل الإنتاج بنسبة تصل إلى 20% بحلول عام 2050 حسب بعض الدراسات العلمية1.
بالإضافة لذلك، فإن ارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة لتغير المناخ يشكل خطورة خاصة بالنسبة للمناطق المنخفضة ذات الكثافة السكانية المرتفعة والتي تعتمد بشدة على الزراعة كوسيلة للعيش. مع مرور الوقت، ستصبح هذه المناطق عرضة للغمر المتزايد للماء المالحة التي تتسلل داخل التربة والمياه الجوفية لتفسد طبقات الأرض القابلة للزراعة. كما أنها تهدد بإلحاق ضرر بالموارد الطبيعية الأخرى مثل المياه العذبة والأراضي الملساء اللازمة للأنشطة الصناعية والسكانية.
ومن الناحية الاقتصادية، فإن التأثيرات المحتملة للتغير المناخي على الزراعة واسعة النطاق ومتعددة الوجوه. فقد تشهد الدول البلدان المنتجة لمواد غذائية رئيسية خسائر اقتصادية ضخمة حيث ينخفض الطلب العالمي عليها نتيجة انخفاض نسب المساحات المثالية للإنتاج بسبب عوامل بيئية مختلفة ناجمة عن الاحتباس الحراري. وعلى الجانب الآخر، قد تستفيد دول أخرى تمتلك موارد زراعية خصبة تحت ظل تلك الظروف الجديدة - رغم أنه حتى هنا قد تكون هناك تحديات غير معروفة حالياً تتعلق بالتكلفة الباهظة لمعالجة الآثار السلبية لهذا الوضع الجديد.
وللتخفيف من حدَّةِ هذه المخاطر واستثمار الفرص الموجودة ضمن منظور جديد للزراعة المستدامة المرنة تجاه الاختلافات الجوية المتوقعة مستقبلا، مطلوب جهود متكاملة وعمل مشترك بين الحكومات والشركات الخاصة والعلماء والمزارعين العالميين – جميعهم يحملون مسؤولية مشتركة لتحقيقهذه الأهداف المشتركة. ومن الواضح أن الاستراتيجيات الوطنية والدولية تحتاج لتحديث دوريتها وتتماشى مع التقنيات الحديثة كمخططات إدارة أفضل للنظم الزراعية وكفاءتها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحسين استخدام الطاقة وتعزيز البحث والتطوير العلمي وكذلك وضع سياسات تجارية لدعم التجارة الدولية للأغذية بما يعكس ديناميكية السوق الحالية ويتماشى مع المعايير البيئية والعادلة اجتماعيا .
##المراجع:
1 [إدارة الأغذية والزراعة](https://www.fao.org/), "The Impact of Climate Change on Agriculture and Costs of Adaptation." UN Food and Agriculture Organization, FAO, April 2014. Accessed Jul 29, 2023. URL_0